إشراقة

 

 

 

 

... ورجلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ

 

 

 

 

 

     الضحكُ والبكاءُ كيفيتان متضادّتان، تنشأ أولاهما بالتفاعل مع السرور؛ فتبدو على وجه الإنسان وملامحه وأساريره؛ فتنفرج شفتاه، وتتبدّى أسنانه مع صوت واضح يُسْمَع صادرًا عن داخل حلقومه. وأَخَفُّ الضحكِ وأَحْسَنُه هو البَسْمُ أو الابتسامُ الذي تنفرج فيه شفتاه عن مجرد ثناياه ولايُمِدُّه صوت .

     وتنشأ الأخرى بالتفاعل مع الحزن، فتَدْمَعُ عيناه فتَسْتَعْبـِرَان أو لاتستعبران حسب شدّة التفاعل وخفّته، واستجابه القلب له أو عدم استجابته؛ وحسب كونه ذا رقّة شديدة أو خفيفة .

     على كلٍّ، ظَلَّ الضحكُ دائمًا علامةً حتميةً على سرور صاحبه، وكان البكاء دائمًا يُعْتَبَرُ رمزًا أكيدًا على حزن صاحبه . ولم يكن قد حَسِبَ الإنسان في الماضي الذي كان يتّسم بالبساطة والعفوية وعدم التصنّع ، أو بكلمة أخرى بعدم «الازدواجيّة» وعدم النفاق وبعدم التظاهر بما لايُصَدِّقه الداخل، الأمر الذي أَصْبَحَ اليوم ظاهرةً عاديّةً صار المُتَفَنِّن فيها يَحْصُدُ التحبيذَ والإشادةَ .

     «تَقَدَّمَ» الإنسانُ، فَتَكَلَّفَ وتَصَنَّعَ، وتَعَلَّمَ أشياءَ كان لا يعرفها الآباء والأجداد . منها إتقانُه للتظاهر بما لا يُبْطِنُه داخلُه . ومنها إتقانه للضحك وتظاهره به وإحسانه له رغم شدة حزنه بشكل لا يعرفه المسرور الذي يَتَمَلأُ سرورًا وبهجةً. فصار الضحك اليوم «فنًّا» قد يُتْقِنَه الحزين رغم تَمَلأِ حياته بحزن عميق.

     وقد يرجع ضحكُ الحزينِ إلى عواملَ إيجابيّةٍ، منها كونُه متحكّمًا في ذاته، ضابطاً لنفسه وتصرفاتها كلّها، الصادرة عن الحزن والسرور، لكونه قد يَعْتَبـِرُ البكاءَ ضد المروءة والرجولة، مُعَبِّرًا عن ضعف شخصيته، شافًّا عن كونه صغيرَ النفس، شاكيًا أنه معضوضٌ بناب الدهر، مسحوق بحوادث الزمان، وأنه يفقد من وسائل الحياة ما يُعَالِج به مُلِمَّات الحياة؛ فهو رجلٌ تافهٌ تائهٌ ضائعٌ، لايليق أن يُؤْبَهَ له، ويُحْتَفَلَ به، أويُلْتَفَتَ إليه .

     وقد عايشتُ أكثر من رجل كان مُتَحَكِّمًا في ذاته، فكان يتعامل مع الضحك في جميع أحواله كسلاح ماضٍ في معارك الحياة أو كمفتاح ذكيّ (Master key) لجميع مغاليق الدهر. قد يُصَابُ بحزن لو أصيب بأخفَّ منه مثلي، لم يَعُدْ يملك دمعَه ومنطقَه؛ ولكنّه كان حقًّا يصدر في تصرفاته جميعها عن المروءة الصادقة – التي تَعْنِي الآدابَ النفسانيةَ النبيلةَ الرفيعةَ التي تَحْمِلُ مراعاتُها الإنسانَ على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات – فكان لا يَتَفَاعَلُ مع عوامل الحزن والبكاء تفاعلَ المرأةِ وإنّما كان يضبط نفسَه، ويمنعها عن الاستجابة لها، ولاسيّما في المواقف التي تخدش المروءة، وتجرح الرجولة – كمالُ الصفاتِ الْمُمَيِّزَة للرجل – أُتِيْحَ لي أن أُعَايــِشَ بَعْضَهم سنوات عديدة، فما رأيتُه طَوَالَها ولا مرّةً واحدةً تَجَاوَب بظاهره لدواعي الحزن، وما سمح لها قطُّ أن يشفّ عما في باطنه من الكامن منه، وظلّ يلعب بمظاهر المسرّات، ويناولها الزملاءَ، ويبادل الجالسين إليه الضحكَ والطلاقةَ التي كانت لا تُفَارِق محيّاه؛ فكانوا لا يتوسَّمون في وجهه آثارَ الحزن وعلامات الكآبة، مهما كان حزنه شديدًا وكآبته أليمةً. وكان بعضُ زملائه المشاطرين له الشؤونَ العائليّةَ يعرفون بعضَ مواقف حزنه أحيانًا عن طريق مصادرَ عائليّة، فيتعجّبون من صموده أمام الهجوم الكاسح الهائل للحزن عليه وعدم استسلامه له بحال. حَدَثَ ذات مرة أنه سطا على منزله عدد من السارقين ليلاً وسحبوا معهم جميعَ ما كان فيه من المال والأثاث والنقود والملابس سوى ما كان عليه وعلى أفراد عائلته من الملابس القليلة. وقد كان ضمن المال المسروق من منزله ما كان قد جَمَعَ طَوَالَ سنوات لتزويج بنتين له؛ ولكنه ظلّ على عادته من التعامل بالسرور وتبادل الضحكات مع الزملاء المخالطين، الذين إنما علموا بالحادث الأليم عن طريق أفراد العائلة، فقَضَوْا من عجبهم، وقالوا: سبحانه – تعالى – ما أعْظَمَ شأنَه في خلق عباده على ما يشاء من الصفات والعادات!.

     فهذا وغيره من القصص والمواقف، جانب إيجابيٌّ للضحك يُتْقِنُه الحزين المُتَمَلِّئُ حزنًا وكمدًا ويمارسه لغرض شريف ومطلب حميد فيضحك كثيرًا، ويثير الآخرين ضحكاً، ويملؤهم سرورًا؛ لأنّه أراد ألا يتعدّى حزنُه إلى الآخرين من إخوانه، فيحزنوا بحزنه؛ وتَوَخَّىٰ أن يشاركهم بالسرور والفرحة، ويحتفظ بحزنه لنفسه فقط، ولا يتجاوز به شخصَه إلى غيره؛ لأنه يرى أن الجدير بالتوزيع بين الزملاء والإخوان والمعارف إنما هو السرور وليس الحزن . على حين إن هناك كثيرًا من الناس يودّون أن يخزنوا الأفراح كلَّها لأنفسهم، أمّا الأَحْزَانُ بأنواعها فيرونها جديرة بأن تُفَرَّقَ بين الأصدقاء والزملاء والجيران؛ فما إن يحدث لهم شيء منها إلاّ ويصدعون به ويُهَوِّلونه حتى تبدو الذرّة منه صحراء والحبّة منه قبّة؛ ولكنَّ هناك جانبًا سلبيًّا للضحك، وهو أن يضحك ليحسب الآخرون أنه سعيد سعادةً غامرةً، يتمتّع بالأسباب والرياش وأنواع وسائل الحياة، وأن المسرات كلها قد خَيَّمت بساحته، والنِّعَم بأسرها قد حلّت براحته، وأنّه غنيّ غناء كافيًّا، وأنّ ثراء المال وَرِثَه كابرًا عن كابر، وأن الرفاهية هو فيها وُلِدَ، وعليها نشأ، وأنه على أعطاف النعيم ظلّ يتقلب. وبذلك يخدع الآخرين الجاهلين بواقع حاله، ليحقق من خلال هذا الخداع مكاسب ظنَّه طريقًا سهلاً إلى تحقيقها. والناس في الدنيا أنواعٌ لاتُحْصَىٰ .

     فمثلاً: ينحج في مصاهرة شريف، أو مقاربة ثريّ، أو مشاركة ذي مال وأعمال في تجارته الكبيرة وأعماله الواسعة، أو مخادعة وجيه من وُجَهَاء المنطقة، أو مواصلة ذي نفوذ لدى المَلِكِ أو الحكومةِ أو المسؤولين الكبار؛ فيُحَقِّق بذلك أغراضًا لا تتحقق إلاّ بهم .

     وأمثالُ هذا الضاحك على دواعي حزنه وبؤسه وشقائه، كثيرون ومُتَنَوِّعُون. وكلُّهم يكونون مَهَرَةً في الثرثرة، والإكثار من الكذب والاحتيال والخداع وإظهار ما يخالف الواقع كلَّ المخالفة، وإبطال ما يضادّ الظاهر كلَّ المضادة. ويكون مُتَعَوِّدًا للمبالغة في كل من القول والفعل، ويتمتع بقدرة عجيبة على التظاهر بما لايكون لديه من العلم أو الفضل، أو المال والسعة، أو الأهلية والخبرة، أو الجاه والنفوذ، أو العمل والإنجاز، أو السليقة والكفاءة، وما إلى ذلك من الأمور التي تصنع من شخص رجلاً مَرْجُوًّا يتردّد إليه الناس ويختلف إليه ذوو حاجات.

     مُنِيْتُ أنا بدوري ببعض منهم ، فتَأَذََيْتُ كثيرًا، وتَخَلَّصْتُ منهم بحيل، ودعوتُ الله مُتَضَرِّعًا أن لا أقع فريسةً لأحد منهم، ولا يُلْدَغَ أحدٌ مثلى من جحرهم بعدُ. وحَمِدْتُ الله أنّه لم يجعلني منهم، رغم أنهم موضعُ غبطةٍ حتى لدى بعض الأَغْرَار الأَخْيَار؛ لأنّهم من صنيعهم الَّلِبق جعلوهم مُنْبَهِرِين بهم لأنّهم لم يَصْطَلُوا بعدُ بنارِ شرّهم وخبثهم . وعندما يَصْطَلُون يَتَأَذَّوْنَ ويَنْفَضُّونَ من حولهم كما انفضّ غيرهم، ولكن بعد ما تكون خسارةٌ ما قد لَحِقَتْهم . أعاذنا الله من شرّ جميع الأشرار .

*  *  *

     وكذلك بعضُ الناس يُتْقِنُون فن البكاء والإبكاء؛ فهم يَبْكُون كلّما شاؤوا، وكذلك يقدرون على إبكاء الآخرين كلما أرادوا، وكأن الدموعَ رهنُ إشارتهم وطوعُ بنانِهم وعلى أطراف عيونهم على وشك الفيضان والانهمار. وبكاؤهم لاينبع من البؤس والشقاء والمعاناة المريرة في الحياة، التي قد تُرْغِم النّاس على أن يَشْفُوا نفوسَهم بالعَبَرَات المُهْرَاقَة والدموع المسكوبة، التي حسبها الناس قديمًا والشعراء عمومًا سببًا قويًّا لشفاء النفوس من أمراض الألم، ولَوْعَة الهجر، وعضّ الفراق، ومعاناة الحياة، وشقاء الأيام. وإنما ينبع من السعادة التي ينعمون بها، ورخاء ورفاهية التي يتخمون بها، ووسائل حياة تتزاحم عليهم، وماديّة مُطْغِيَة أُتْرِفُوا فيها. إنهم اتَّخَذُوا البكاء أداةً طيّعةً فعَالةً لكسب الدنيا واستمالة القلوب ومري النفوس. ولا أعني بذلك النساء الّلاتي خُلِقْن على رقّة لم تُعْجَنْ بها طينات الرجال؛ فهنّ في حالتهن العاديّة إذا دعاهن داعٍ إلى بيت مجاور حدثت فيه كارثة موت أو إصابة أحد بجروح خطيرة وضروب مبرحة أو سرقة أو ما إلى ذلك، يخضن في بكاء وعويل وصياح بشكل يبعث العجب، وكأنّهن كنّ على استعداد للبكاء والحداد .

     وإنما أعني بذلك أناسًا صنعوا من البكاء والإبكاء وسيلةً لكسب حطام الدنيا وانتزاع النقود من جيوب الآخرين، الذين جَرَّبُوهم أنهم لايكادون يَتَفَضَّلون بما عندهم من النعم الوفيرة وفضول الأموال على أحد إلاّ إذا احتال عليهم وأَعْمَلَ بَهْلَوَانِيَّتَه (براعته في نوع من أنواع الألعاب كالمشي على الحبل وترقيص الحيّات والإيهام باستخراج ما ابْتَلَعَه من الورق وغيره، من البطن على ما هو عليه) وأعمى بشَطَارَته (بسبقه القومَ كلَّهم في الشرّ والخبث) بصيرتهم وبصارتهم وعقلهم ورشدهم. إنّ هؤلاء البارعين في فنّ البكاء والإبكاء هم أسعد الناس حظّا عند حمقى الناس، الذين يُشَكِّلُون أَغْلَبِيَّةً ساحقة في المجتمع البشري، والذين لايكرمون ذوي الحاجات بتحقيق أي من حاجاتهم مهما كانوا كبارًا في العلم والفضل، والدين والورع، وخدمة الخلق، والكتابة والتأليف، والوعظ والخطابة، والانقطاع إلى نشر العلم والثقافة؛ وإنّما ينجذبون إلى خدمة المتقنين للبَهْلَوَانِيّة انجذابَ القطع الحديدية إلى المغناطيس، ويسرّون ويطيبون نفسًا بالإفضال عليهم وتقديم كل مساعدة ماديّة ومعنوية إليهم.

     إنّ الضحك والبكاء صفتان إحداهما تُضَادُّ الأخرى . وبما أن الأولى تَدَلُّ على غفلةِ صاحبها عن الهموم النبيلة، والمقاصد الشريفة، والأهداف السامية، المطلوبة في الشرع الإسلامي، من الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة؛ وأن الأخرى تؤكد كون صاحبها على ما أحبّه الله ورسوله من الاهتمام بجانب الآخرة والإعراض عما يلهي عنها وما يجعل المرأ يخلد إلى الأرض ويتخذ الدنيا أكبر همّه ومبلغ علمه وموضع جدّه واجتهاده .. بما أن الأمر كذلك، أحبّ الله ورسوله البكاء وكرها الضحك؛ فقال تعالى:

     «فَلْيَضْحَكُوْا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوْا كَثِيْرًا» (التوبة/82).

     فمن يضحك ولو قليلاً فرحًا بالحياة الدنيا وطربًا لها وإترافًا فيها؛ فإنه سيبكي كثيرًا في الآخرة؛ فما ظنُّك بمن يضحك كثيرًا اِطمئنانًا بهذه الحياة الفانية ومن يَبْكِ في الدنيا تَقْوًى من الله، فسيضحك ويَسْتَبْشِر بنعمة ربّه في الآخرة. وفي حديث رواه الشيخان: البخاريّ ومسلم – رحمهما الله – عن سيدنا أنس – رضي الله عنه – قال : خَطَبَنَا رسولُ الله – – خطبةً ما سمعتُ مثلَها قطُّ، فقال: «لوتَعْلَمُونَ ما أَعْلَمُ، لضَحِكْتُم قليلاً ولبَكَيْتُم كثيرًا». فَغَطَّىٰ أصحابُ رسول الله – – وجوهَهُمْ، ولهم خَنِيْنٌ. و«الخنينُ» – كماقال النووي – رحمه الله – هو البكاء مع غُنَّة وانتشاقِ الصوت من الأنف .

     وفي حديث آخر رواه الترمذي – رحمه الله – عن سيدنا أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – «لايَلِجُ النَّارَ رجلٌ بَكَي من خشية الله حتى يعود اللَّبَنُ في الضَّرْع».

     وروى الشيخان: البخاري ومسلم – رحمهما الله – عنه – رضي الله عنه – حديثًا اشتهر جدًّا على ألسنة العلماء والطلاب . وهو: «سبعةٌ يُظِلُّهُم اللهُ في ظلّه يومَ لاظلَّ إلاّ ظلُّه : إمام عادل؛ وشابٌّ نَشَأَ في عبادة الله تعالى؛ ورجلٌ قلبُه مُعَلَّقٌ في المساجد؛ ورجلان تَحَابَّا في الله، اجتمعا عليه، وتَفَرَّقَا عليه؛ ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فقال: إني أخاف اللهَ؛ ورجلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ، فأَخْفَاها، حتى لاتَعْلَمُ شِمَالُه ما تُنْفِق يمينُه؛ ورجلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا ففَاضَتْ عَيْنَاه».

     وسجّل الصحابة رضي الله عنهم أن رسول الله – – كان يصلّي ولجوفه (صدره) أَزِيْزٌ كأزيز الْمِرْجَل من البكاء. (أبوداؤد والترمذي) . و«الأزيزُ» : صوت البكاء أو غليانه في الصدر. و «الْمِرْجَلُ» : القِدْرُ.

     وروى الترمذي – رحمه الله – عن أبي أُمَامَة صُدَيٍّ بنِ عَجْلاَن الباهليّ – رضي الله عنه – عن النبي – – قال: «ليس شيءٌ  أَحَبَّ إلى الله تعالى من قَطْرَتَيْنِ وأَثَرَيْنِ : قطرةُ دموع من خشية الله، وقطرةُ دم تُهْرَاقُ في سبيل الله. وأمّا الأثران: فأَثَرٌ في سبيل الله تعالى، وأثر في فريضة من فرائض الله تعالى».

     وفي الباب أحاديث كثيرة روتها دواوين الأحاديث .

     على كل، فالبكاء شيء فضيل إذا كان من أجل رضا الله تعالى، وكان من خشيته، وكان زهدًا في الدنيا ورغبة في الآخرة .

     على أن البكاء يدلّ على رقة القلب وانكساره وتواضع النفس وتذلّلها وتخاشعها، وقد أخبر النبيُّ – – أن الله يحب الرجل المنكسر القلب المتواضع النفس، ويقول: «أنا عند المنكسرةِ قلوبهم». وبالمقابل يدلّ الضحك على أن صاحبه لايهمّه شيء يعنيه في الدنيا والآخرة، فأسلم نفسه لهواها، وفرح برضاها، وأَبْدَى أسنانَه رافعًا صوتَه المنبعثَ من حَنْجَرَتِه في طَرَبٍ وشعورٍ بالفخر، كأنّه نَالَ جمعَ حظوظه من الدنيا والآخرة، وكأنه لاحساب ولا كتاب، ولا مؤاخذة ولا عقاب يواجهه بعد هذه الحياة التي أيامها محدودة، وأنفاسه فيها معدودة . والكَيِّسُ من دان نفسه وحاسبها، واستعدّ لما بعد الموت، وتَجَهَّزَ للوقوف أمام ربّه، وأخذ من دنياه لآخرته. والله وحده المعيذ من كل شرّ، والموفق لكلِ خير. اللّهمّ اجعلنا من الذينَ يستمعون للقول فيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَه .

 

(تحريرًا في الساعة الواحدة من ظهر يوم الاثنين 16/ رجب 1426هـ  = 22/أغسطس 2005م)

أبو أسامة نور

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذوالقعدة 1426هـ = ديسمبر 2005م ، العـدد : 11 ، السنـة : 29.